أما وقد تكشفت خيوط اللعبة، فيمكنك أن تنام ملء جفونك في سجن العشرة نجوم الذي اقتادوك إليه. لم يستضيفوك هناك لأنك ارتكبت خطأ مهنيا وإنما لأن إرادة مريضة بقصر النظر قررت معاقبتك. فبعد أن حجبوك بتلك الطريقة الفجة عمدوا إلى "تقدمي" –وفرائصهم ترتعد من الخوف- فحجبوه بطريقة أكثر وقاحة. وكل ذلك حدث وسط صمت مشبوه من طرف "الفعاليات الاعلامية" يصل حد التمالئ في اقتراف الجريمة.
إياك أن تسألني من فعل ذلك؟ ولماذا؟ فأصابع الاتهام تشير بكل ثقة إلى من يديرون دواليب السلطة وكأنها ملك عائلي. فمن غيرهم يريد تحييد تقدمي في معركة انتخابية قد يخسرون كل شيء إن هم خسروها؟ ومن غيرهم يمكن أن يستخدم سلطة الدولة في تصفية حسابات هابطة بهذا المستوى؟ ومن غيرهم يناصب الحرية كل هذا العداء ويستهتر بالقيم والقوانين؟
لن أخفي عنك هنا أنهم حققوا بعض النجاح فيما خططوا له! فاللعبة الانتخابية من دونك تحولت إلى لعبة باهتة لا تتجاوز حد التنابز بالألقاب، وعالم الاعلام عاد إلى وداعته وجيوبه مفتوحة طمعا في لفتة من هنا أو من هناك.
غاب الخبر الصادق المثير، غاب البحث الدؤوب عن المعلومة المزلزلة وغابت التحليلات الرصينة التي تتقاطر جرءة ليترك الكل مكانه لتغطية بليدة ليوميات حملة هي الأكثر بؤسا وصفاقة. باختصار افتقدنا تلك النكهة اللذيذة التي كانت تسكر قراء "تقدمي" وهم يلتهمون مائدة عودتهم على جودة وتعدد أطباقها، وافتقدنا معها الرغبة في القراءة بل والقدرة على الكتابة.
للأسف حققوا بالفعل بعض النجاح! ففي غيابك استأسدت ذئاب غفيرة وهيمنت الأقلام المأجورة على مسرح مسكون بالأدعياء والأشباح لدرجة لم نعد معها قادرين على تمييز المسوخ من الأصول ولا الأصدقاء من الأعداء.
لن تصدق أن الحابل قد اختلط بالنابل كما لم يختلط من قبل وأن اتجاه دوران الأرض قد أخذ منحى آخر. بالكاد تستطيع أن تتعرف على قوى التدمير بعد أن بدلت جلودها كما بدلت خطابها، وبالكاد أيضا تستطيع التعرف على قوى التغيير وهي تطيل السجود لأصنامها.
أرانب سباق انتخابات 6/6 يهددون بالنزول إلى الشارع إن لم يحصلوا على تعويضات عن خيانتهم للديمقراطية، ونمور سباق 18/7 يتصارعون في السماء أكثر مما يتصارعون على الأرض. لا صوت يعلو فوق صوت المال ورجال الأعمال لدرجة أنه لا أحد قادر على استنكار بيع الضمائر في المزاد العلني!
لم يعد الصراع منافسة طبيعية بين برامج وأقطاب متمايزة وإنما حربا ضروسا يراد للمال القذر أن يفرض رأيه فيها. لا وجود للبرامج والنقاشات والقراءات الجادة فالمعركة تحسم في الزوايا المعتمة وعبر الصفقات المشبوهة. بات الحديث عن الوسطاء الجدد أهم من الحديث عن المرشحين وبات الجدل الانتخابي ينحصر على أجندات رجال المال وحركة الأموال.
صدقني.. فلا شيء يهم هنا على الاطلاق، لا شيء يدفعك إلى استعجال مغادرة زنزانتك فحتى حلفاؤك لن تستطيع التعرف عليهم! أكثر التماثيل التي كنا نتصورها من خالص الذهب ظهر زيفها وأكثر المقدسات التي كنا نحرص عليها تتعرض للتخريب.
ربما لا تدري أنهم يستكثرون عليك خمس ثوان أو زاوية قصية من شاشة يجودون بها عن طيب خاطر للمرتزقة والباعة المتجولين وأوغاد الشوارع ممن لا يفيدون ولا يبينون. أتدري أن الحملة توشك على الانتهاء؟
لا تلمهم كثيرا فللحملة أحكامها وعندما تكون الحملة مجنونة يفقد الكثيرون السيطرة على توازنهم: أهي أشواق السلطة؟ أوهام القوة؟ أم عبادة الصفقات؟ لا يهم... لأنهم حين تناسوك كانوا يؤكدون –ولو بطريقة أخرى- أنك هناك لأنك قذفت قزما يسمونه مختار صار أو على الأقل بأنك لست هناك بسببهم!
لكن لا تكترث لضعف ذاكرتهم فنحن نعرف أنهم من دونك لم يكونوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، ونعرف أكثر من ذلك أنهم من دونك لن يصلوا إلى ما يشقون من أجله.
ليس هناك إذا ما يدعوك لأن تستعجل مغادرة زنزانتك فنحن نخاف عليك أن تتيه مثلنا في صحراء الاحباط، نخاف عليك أن لا تجد –مثلنا- من يستحق أن تمنحه صوتك وأنت مطمئن البال. لدينا بالطبع مرشح، بل أكثر من مرشح غير أن غبار الخوف يحول دون وضوح الرؤية. تعرف كم عانت الجمهورية وتعرف كم تعاني وبالتأكيد تعرف من المسؤول.
لا تستعجل مغادرة زنزانتك فحاجتنا إليك هناك أكثر، وجودك خلف القضبان دليل إدانة لمن ظلموك ولمن قصروا في حقك، والأهم أنه دليل براءة لنا من دم جمهورية تتلذذ نخبها بذبحها في اليوم ألف مرة ومرة.
إياك أن تسألني من فعل ذلك؟ ولماذا؟ فأصابع الاتهام تشير بكل ثقة إلى من يديرون دواليب السلطة وكأنها ملك عائلي. فمن غيرهم يريد تحييد تقدمي في معركة انتخابية قد يخسرون كل شيء إن هم خسروها؟ ومن غيرهم يمكن أن يستخدم سلطة الدولة في تصفية حسابات هابطة بهذا المستوى؟ ومن غيرهم يناصب الحرية كل هذا العداء ويستهتر بالقيم والقوانين؟
لن أخفي عنك هنا أنهم حققوا بعض النجاح فيما خططوا له! فاللعبة الانتخابية من دونك تحولت إلى لعبة باهتة لا تتجاوز حد التنابز بالألقاب، وعالم الاعلام عاد إلى وداعته وجيوبه مفتوحة طمعا في لفتة من هنا أو من هناك.
غاب الخبر الصادق المثير، غاب البحث الدؤوب عن المعلومة المزلزلة وغابت التحليلات الرصينة التي تتقاطر جرءة ليترك الكل مكانه لتغطية بليدة ليوميات حملة هي الأكثر بؤسا وصفاقة. باختصار افتقدنا تلك النكهة اللذيذة التي كانت تسكر قراء "تقدمي" وهم يلتهمون مائدة عودتهم على جودة وتعدد أطباقها، وافتقدنا معها الرغبة في القراءة بل والقدرة على الكتابة.
للأسف حققوا بالفعل بعض النجاح! ففي غيابك استأسدت ذئاب غفيرة وهيمنت الأقلام المأجورة على مسرح مسكون بالأدعياء والأشباح لدرجة لم نعد معها قادرين على تمييز المسوخ من الأصول ولا الأصدقاء من الأعداء.
لن تصدق أن الحابل قد اختلط بالنابل كما لم يختلط من قبل وأن اتجاه دوران الأرض قد أخذ منحى آخر. بالكاد تستطيع أن تتعرف على قوى التدمير بعد أن بدلت جلودها كما بدلت خطابها، وبالكاد أيضا تستطيع التعرف على قوى التغيير وهي تطيل السجود لأصنامها.
أرانب سباق انتخابات 6/6 يهددون بالنزول إلى الشارع إن لم يحصلوا على تعويضات عن خيانتهم للديمقراطية، ونمور سباق 18/7 يتصارعون في السماء أكثر مما يتصارعون على الأرض. لا صوت يعلو فوق صوت المال ورجال الأعمال لدرجة أنه لا أحد قادر على استنكار بيع الضمائر في المزاد العلني!
لم يعد الصراع منافسة طبيعية بين برامج وأقطاب متمايزة وإنما حربا ضروسا يراد للمال القذر أن يفرض رأيه فيها. لا وجود للبرامج والنقاشات والقراءات الجادة فالمعركة تحسم في الزوايا المعتمة وعبر الصفقات المشبوهة. بات الحديث عن الوسطاء الجدد أهم من الحديث عن المرشحين وبات الجدل الانتخابي ينحصر على أجندات رجال المال وحركة الأموال.
صدقني.. فلا شيء يهم هنا على الاطلاق، لا شيء يدفعك إلى استعجال مغادرة زنزانتك فحتى حلفاؤك لن تستطيع التعرف عليهم! أكثر التماثيل التي كنا نتصورها من خالص الذهب ظهر زيفها وأكثر المقدسات التي كنا نحرص عليها تتعرض للتخريب.
ربما لا تدري أنهم يستكثرون عليك خمس ثوان أو زاوية قصية من شاشة يجودون بها عن طيب خاطر للمرتزقة والباعة المتجولين وأوغاد الشوارع ممن لا يفيدون ولا يبينون. أتدري أن الحملة توشك على الانتهاء؟
لا تلمهم كثيرا فللحملة أحكامها وعندما تكون الحملة مجنونة يفقد الكثيرون السيطرة على توازنهم: أهي أشواق السلطة؟ أوهام القوة؟ أم عبادة الصفقات؟ لا يهم... لأنهم حين تناسوك كانوا يؤكدون –ولو بطريقة أخرى- أنك هناك لأنك قذفت قزما يسمونه مختار صار أو على الأقل بأنك لست هناك بسببهم!
لكن لا تكترث لضعف ذاكرتهم فنحن نعرف أنهم من دونك لم يكونوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، ونعرف أكثر من ذلك أنهم من دونك لن يصلوا إلى ما يشقون من أجله.
ليس هناك إذا ما يدعوك لأن تستعجل مغادرة زنزانتك فنحن نخاف عليك أن تتيه مثلنا في صحراء الاحباط، نخاف عليك أن لا تجد –مثلنا- من يستحق أن تمنحه صوتك وأنت مطمئن البال. لدينا بالطبع مرشح، بل أكثر من مرشح غير أن غبار الخوف يحول دون وضوح الرؤية. تعرف كم عانت الجمهورية وتعرف كم تعاني وبالتأكيد تعرف من المسؤول.
لا تستعجل مغادرة زنزانتك فحاجتنا إليك هناك أكثر، وجودك خلف القضبان دليل إدانة لمن ظلموك ولمن قصروا في حقك، والأهم أنه دليل براءة لنا من دم جمهورية تتلذذ نخبها بذبحها في اليوم ألف مرة ومرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق