الحرية لسجين الرأي حنفي ولد دهاه

الأسبوع الثاني.. حتى ولو كان الدهر كله فأنت الأقوى يا حنفي

السبت، 27 يونيو 2009

إياكم أن تطلقوا سراحه./الحسن ولد محمد المامى

لا أعتقد أن هناك من سيأسف كثيرا على اعتقال الزميل حنفي باستثناء "أسرته الصغيرة" التي ربما تصورت لأيام أنه جاء بهدف قضاء عطلته معها، كما لا أعتقد أن هناك من سيستغرب هذا الاعتقال سوى قلة ممن يعجزون حتى الآن عن فهم الطبيعة المافيوية لبعض العصابات المهيمنة حاليا على السلطة. كنا نتوقع أن يأتي مثل هذا اليوم وكان حنفي أول من يعرف ذلك لأنه الأدرى بخبايا ما يبيت له في أروقة الآلة القمعية بشقيها القضائي والأمني، لكنه وكعادته آثر التحدي وقرر مواجهة أعداء الحرية في معركة ندرك جميعا أنه سيكون المنتصر فيها. لا تهم التهمة أو التهم التي ستوجه إليه، كما لاتهم الخروقات التي شابت اعتقاله ولا الظروف التي يعيشها في زنزانته ولا حتى الفترة التي سيقضيها خلف أسوار الجور لأن الرجل جزء من هذا البناء الديمقراطي الذي يتم تدميره لبنة لبنة ولأن قرار إسكاته تم اتخاذه يوم تم الاعتداء الآثم على الدستور وعلى غيره من مقدسات الجمهورية. حنفي يتماهي في أذهان الجلادين مع موقع تقدمي، وبعد أن فشلت محاولة الحجب التي تعرض لها الموقع أصبح الهدف هو حجب حنفي نفسه. وكما تحولت عملية الحجب الأولى إلى مسخرة فإن عملية الحجب الحالية ستثير سخرية أكثر إذ أن "رصاصة تقدمي" سبق وأن انطلقت ولم يعد بإمكان أية قوة أن توقفها. لم يعد "تقدمي" بحاجة إلى حنفي خارج الأسوار فهناك ألف تقدمي وتقدمي مستعدين لمواصلة المشوار، بل إن وجوده في السجن سيمثل شهادة جديدة على حيوية الدور الذي يلعبه "تقدمي" في مناهضة الدكتاتورية وسيعري الوجه القبيح للممارسات القروسطية التي باتت عملة رائجة في سوقنا الموبوءة. وضمن الظرفية الراهنة لن يكون اعتقال حنفي أكثر من رسالة تعلن بوضوح أن هناك جهات داخل الدوائر العليا للسلطة تصر على توتير الأوضاع وعلى الدفع بها نحو الأسوأ، وأنما سمي تجاوزا باتفاق داكار لم يكن أكثر من حبر على ورق. وهو ما يعني باختصار أن هناك من يصرون على اللعب بالنار ربما من دون أن يعرفوا حقيقة بأن النار ليست لعبة. قرار الحجب إذا لا يضاهيه في الغباء سوى قبول مرشح الرئاسيات إبراهيما صار بأن يستغل في عملية قذرة كهذه. فهذا العجوز الذي تتسارع خطاه باتجاه سلة مهملات التاريخ يرفض أن يغادر عالمنا من دون وصمة عار بهذا الحجم لتكشف زيف ما يتبجح به من نضالية ومن إيمان بضرورة احترام رأي الآخر. جريمة بهذا الحجم لا يمكن إلا أن تشارك فيها شخصية مشبوهة من حجم مختار صار! غير أن المفارقة المؤلمة هي أنه في الوقت الذي كان أمن الجمهورية مشغولا حتى الثمالة بمتابعة حنفي ونصب المكايد له–كأكبر مصدر لتهديد الأمن القومي- كان الإرهابيون يضعون لمساتهم الأخيرة لتحويل وسط العاصمة إلى ساحة جريمة بشعة، ليتضح للجميع أن مفهوم "الأمن" للأمن القومي هو مفهوم متعفن لا يتجاوز حدود تصفية الحسابات الصغيرة والاهتمام بما هو ثانوي على حساب ما هو جوهري. وإلا فكيف نفسر كل هذا الاهتمام بسمعة مختار صار وكل هذا التفريط في سمعة كل الجمهورية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق